عن الأنسان والقلب والغيث.........قصة قصيرة بقلمي

عن الإنسان والقلب والغيث

وحدث أن استأصل قلبه المكسور من صدره كما وصف له بعض الحكماء قبلاً ، فحمله بين ذراعيه وأوصله إلى شرايين معصمه وحصنه بوعاء من البللور تتراقص بداخله دموع ذرفها بيوم سبت ومزجها بقليل من رماد جثة مبعوث العناية الإلهية .

سار في الطريق المرسوم أمامه وصعد إلى أعلى جبل الكون ليسيطر على مدى الرؤية ، وصل إلى بداية الوادي في الناحية الأخرى من الجبل و شرع في الهبوط وبصدره الفارغ كان يواجه أنواع الطيور الصاعدة ضد تياره يعرض حمله على هذا وذاك وليس هناك بطائر وحيد يلتفت إليه..يحاول دفع احدهم بكتفه فينظر الطائر إليه شذراً ويكمل صعوده..والأنسان هابطاً لمبتغاه لا يفقد الأمل ومع هدوء الزحام لمح بعض العيون الناظرة إليه أشرقت الشموس في جبهته ...مد ذراعيه لهم لكنهم مدوا مناقيرهم لإختطافه معهم إلى قمتهم ..وقف قليلاً يتفكر....لكنهم ما انتظروا ملوا سريعاً والتفتوا إلى العلو ، ذرف دموعاً قذفها بعيداً عن الصندوق البللوري وعلى صخرة جانبية ارتكز قليلاً ليستريح من عناء الطريق .

صادفه طائر صاعد يهفو قليلاً وتحمله الرياح إلى الصخرة ، واقترب منه ومد جناحه ليلمس القلب ، فاصطدم بالحاجز البللوري ونظر إلى الإنسان متفهماً وربت بجناحه على رأسه وحاذاه ، ليمس شغاف قلبه المعلقة في صدره فانبعثت آهة ضعيفة من الإنسان ومنقار الطائر يبعث بسائل قان يتسلل إلى صدر الإنسان يشذب قليلاً حواف الجرح والإنسان يصرخ والطيور الصاعدة تقف منتبهة لانتفاض الإنسان على حين غرة الذي ترك قدمه تنهب الأرض متجهة إلى الأسفل والطائر ماثلاً بجانب نبتة انبثقت من قلب الصخرة وتلونت بالسائل القان .

واصل الإنسان طريقه إلى السفح ليجد تضاريس العالم حوله بدأت في التغير فالأرض قد اخضرت ، والسماء قد لفظت سحبها بجانب أشجار النخيل البعيدة المتمايلة بألحان الهواء ، فانفرجت أسارير الإنسان وحث الخطا يريد اللحاق قبل فوات الأوان ، ونظر إلى صدره ليجد الجرح قد انتظمت زواياه تقترب من شكل قلبه المكسور الذي رد البصر إليه ليجد الكسر قد التئمت بداياته ، لم يصدق عيناه وصاح من الفرحة مسبحاً بحمد الخالق ودار جول شجرة زاهية وحيدة ليسمع الموسيقى المنبعثة من جوفها صدى لصياحه ، وابتعد عنها يريد الوصول إلى الكوخ البعيد بجانب النخيل ليواصل طريقه وقد تجمعت من خلفه أسراب النحل تمتص رحيق أزهار تنبت تحت خطواته.

ارتكز لوهلة على صخرة نابتة قريبة ليستريح قليلاً من عناء السبيل حط على كتفه طائر رقيق الملامح ناظرأ إلى صدره المفتوح مستفسراً ...ونظر إلى عيون الإنسان ليجد الإجابة ، فأمال منقاره على صدر الإنسان يصب فيه من السائل القاني ليأخذ الصدر في الانبعاث من جديد والفتحة تلين لتصبح ملائمة للقلب من جديد .

تصدع الهواء بصراخ الإنسان متألماً فاهتزت فرائض الطائر ، و انفض النحل من الوجود ، وانبعثت الريح في الهواء حاملة الموجودات إلى الأفق تاركة الإنسان جاثٍ على الصخرة وبجانبه زهرة صفراء ....واستفاق الإنسان بعد لحظة وشرب دموعه العذبة ، واستجمع أنفاسه .
ونظر ملياً إلى قلبه وقد كاد يعود إلى طبيعته ، وتذكر نصيحة بعض الحكماء ومد يده إلى رأسه لينتزع منه خلايا ملء قبضة يده ، ويدسها مابين حافتي الشرخ الذي عاد كاملاً .

مضى الإنسان إلى الكوخ البعيد ودق بابه الذهبي بعد أن تأكد من النقوش التي وصفها له بعض الحكماء ، وفتح له ملَُك كريم قد حاز الجمال كله تسيل من عيونه شلالات قد قدت من روح الحياة ، مد له الإنسان يده يحمل قلبه ويتضرع إليه ، فأومأ الملك إليه ليدخل ويستريح قليلاً وطفق يحدق فيه.........

-ها أنت قد اجتزت الطريق ....
- ها انت قد جبرت قلبك....
- ها أنت قد فقدت قطع من عقلك....
- ها أنت قد تنظر إلى جسدك وها أنت قد فقدت اعضائك الإنسانية في رحلتك فأين هي رئتاك وأين هي عضلاتك....؟
- عد من حيث اتيت واطلع إلى قمة جبل الكون واخرج قلبك من بللورته ضعه على الصخر الناتيء انتظر الطائر الرقيق واتركه يبث السائل القاني في صدرك وانزع خلايا عقلك من القلب واحرقها قرباناً للطائر الرقيق وارقد في أحضانه ليبذر بذوره وانتظر غيثاَ من الله راوٍ.

» ((صرخة ندم)) .....قصة قصيرة
» الاختيار::::قصة قصيرة::::
» من أجل تحسين الصورة .. قصة قصيرة